loader

التعافي

التعافي

التعافي

كيف أعرف أن الشخص الآخر فعلا تعافى من علاقة سابقة ؟ 
يسارع الكثير من الأزواج والزوجات المنفصلين حديثا إلى بناء علاقة زواج جديدة وفي فترة قصيرة ، وهذا لا يمكن بالعموم تصنيفه على أنه أمر جيد .

يحدث أحيانا أن تكون العلاقة الجديدة ليست نابعة من الرغبة بها ذاتها بقدر ما يكون الزواج هروبا أو تعويضا عن القصة السابقة بكل مشاعرها وآلامها .

وأن يكتسف الشاب أو الفتاة أن الارتباط الذي حصل لم يكن لــ " جودتهم الشخصية " إنما كان الارتباط " تعويضا " للقصة السابقة أمر لا يقل صعوبة عن الانفصال نفسه .

من هنا تبرز العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع .

كيف يعرف الشخص نفسه أنه تعافى ؟

كيف يعرف الطرف الآخر " الثالث " أن من يريد الارتباطبه تعافى ؟

والإجابة
سأقف مع التعافي كعملية كليس كمصطلح ، فهي خطوات متتالية مدروسة يقوم بها الإنسان لاستعادة التوازن النفسي بعد تجربة ذات طبيعة قوية انفعاليا .

والتعافي غير متضمن للفكرة السائدة بين الناس " النسيان " أو الفكرة التوأم للنسيان وهي فكرة " الحياد " أي من تكون مشاعره محايدة للطرف الآخر فلا هناك مشاعر حب ولا كراهية .

التعافي لا يتضمن أي منهما ، لأن الذاكرة القلبية الإنسانية غير مخصصة للنسيان ، وبنفس الوقت ليس الجميع قادرا على الوصول إلى حالة الحياد المثالية ، وليس كل من لازال يحمل في نفسه مشاعر كراهية للآخر يعتبر غير محايد .

فالانفصال يتضمن أحيانا إيذاء نفسيا قويا ، من الصعب أن يُمْحى ، لذلك انتظار الحياد حالة من المثالية غير الدقيقة .
وقبل الحديث عن الخطوات لابد من الإشارة إلى أن " الإيذاء النفسي " المرتبط بتجربة انفصال وعلى الرغم من كونه مرتبط بالأحداث وتفاصيلها ، إلا أنه أيضا مرتبط بمدى الصلابة النفسية التي يتمتع بها الشخص نفسه، وكثيرون ممن لديهم هشاشة نفسية ، لا يتطلب شعورهم بالإيذاء أن يكون هناك حدث كبير ، بل إن أي موقف صغير قد يتسبب لهم بالإيذاء الشديد لا لكون الموقف نفسه كبير إنما لامتلاكهم هم هشاشة نفسية كبيرة .

وعلى كل إنسان يريد المرور المسؤول بخطوات التعافي، أن يعرف أن أول خطوات التعافي هي الوقفة الصادقة مع الذات ، لمعرفة مستوى توزيع المسؤولية في ما حصل ، حتى لو كان تصنيف الشخص لنفسه على أنه " مظلوم " يبقى هناك مسؤولية " تجب معرفتها " على الشخص .
وهنا يجب التوقف عند نقطتين افتراضيتين ، تكمن أهميتهما في أنها تعطي مؤشرا عن كيفية رؤية الشخص لنفسه وسط المشكلات .
النقطة الأولى ما السبب الرئيسي في ما حصل

النقطة الثانية ما الذي لو كان موجودًا ( لدي ) لما كانت المشكلات موجودة .

من المهم على أي أحد يسير في طريق التعافي طرح هاتين النقطتين على أرض الواقع طرحا صادقا مع الذات لأنهما الأساس للمرحلة التي تليها .
النقطة الثانية تتضمن أيضا الإشارة الى بعض الممارسات السلبية التي يفعلها الإنسان كالصبر الخاطئ ، أو التغاضي السلبي ، أو السكوت في وقت كان يجب فيه الرد ، هذه كلها سلوكات قد يصنفها الإنسان على أنها جيدة ، ولكنها وللأسف ليست كذلك كونها جزء أصيل من تفاقهم المشكلة .
ليس الهدف من عملية التعافي هو عدم الشعور بالإيذاء فقط ، بل هدفها يمتد ليكون " تشكُّل " مسؤولية ذات أبعاد جديدة تجاه ما حصل ، وهذا لا يتوفر إلا من خلال الوقفات الصادقة مع النفس وإعادة التقييم المُنْصِف بشكل دقيق .

ثاني خطوات التعافي هي عدم التتبّع ، كونه لا يعود بأي فائدة نفسية ، بل على العكس سيكون سببا لمزيد من الانكسارات في بعض الأحيان.
التتبّع يغذي في الإنسان أحد شعورين ، الإنكسار من جديد عند أي تطوّر يحصل في حياة الآخر ، أو شعور التشفّي وهو شعور مخدِّر لذيذ في بدايته ثم يتحول إلى مادة سمية تؤذي الشخص نفسه ، حين يصبح هذا الشعور جزءا من عاداته النفسية المعممة على الجميع .
وكلاهما " الانكسار والتشفي " نابعان من " الإنشغال " بالآخر ، ومرحلة التعافي لا تتضمن وجود الآخر في حياتك لا فكرا ولا قلبا .
هنا في هذه المرحلة ننصح عادة بالانشغال بالأمور المحببة للذات على اختلاف أنواعها . وهنا تكمن الممارسة الخاطئة جدا والتي يقوم بها كثيرون وهي " الارتباط الآخر "
وهذه الجزئية هي محل تصارع بين الحاجات النفسية والجسدية المُلِحَّة وبين عملية التعافي التي في العادة أقل بطءً ، وهنا نقدم النصيحة للجميع أن لا تؤجلوا عملية التعافي ، كي يكون الارتباط على أسس متينة .

الخطوة الثالثة وهي خطوة معرفية ذهنية بامتياز، وهي " المعنى المصاحب "
كثيرون يعطون مشكلاتهم معاني لها علاقة بالذات والاستحقاق والعقاب الرباني والشخصية السيئة ، وكل هذه وغيرها تكون اتهامات يوجهها الشخص لنفسه .
المشكلات والإيذاء غير مرتبط بالاستحقاق ، إنما مرتبط بالتقصّد ومرتبط بطريقة التعامل مع المشكلات وطرق إدارتها.

هذه الفكرة " أنا بستاهل اللي صار لي " فكرة تجدد النزيف النفسي من جديد ، وهي عملية ضد التعافي من حيث الأساس .

تقييم ما حصل بشكل شفاف وواضح أمر يختلف عن توجيه الاتهام للذات ، وهذا المعنى الموجّه للذات لا يؤدي الى أخذ المسؤولية على محمل الجد بقدر ما قد يؤدي الى العجز النفسي الكامل عن القيام بأي مسؤوليات لاحقة.

الخطوة الرابعة التوقعات الشخصية من الذات .

كثيرون مرتبط التعافي بتوقّع أن يكون عندهم الحياد الانفعالي تجاه الشريك أو عدم التذكر ، وهذه من التوقعات الحالمة وغير المطلوبة أصلا.

لا يعتبر عدم الحياد الانفعالي ولا عدم تذكر الشريك شرطا من شروط التعافي النفسي ، وهي من التوقعات التي يتسبب فيها الإنسان بالعجز لنفسه بشكل كبير. في هذه الحالة يدخل الإنسان في صراع مع ذاته ومع قلبه وعقله ، فهو يريد من ذاكرته أن تنسى وذاكرته لا تستجيب .
التعافي هو الانتهاء من ( الأثر النفسي ) للعلاقة وليس الانتهاء من تفاصيلها ويومياتها وخروج هذا من الذاكرة .




وهنا سأنوه لنقطتين في غاية الأهمية

الأولى : واحدة من أهم مسببات الانتكاسة هو إعادة التذكير والتذكر من خلال " الشريك الثالث الجديد " والذي يفتح مقارنات في أسلوب الحياة وطريقة العيش ومراجعة الأحداث ووووو ,,, الخ
الثانية : واحدة من الأخطاء الحاصلة في اختيار الشريك الثالث أن تكون معايير الارتباط هي فقط ما تعاكس معايير الزواج السابق .

ومن هذه النقطة سأتطرق لكيفية التأكد من تعافي الشخص .

يكون ذلك من خلال معرفة معايير ما استجد على معايير الارتباط .

يكون ذلك من خلال المسؤوليات الجديدة التي ترتبت على القصة السابقة وماذا أضاف الشخص لنفسه من معارف ومن مهارات جديدة لضمان عدم تكرار الموقف .



وبشكل سريع

الشخص لم يتعافَ إذا :

لازال يعقد مقارنات

يذكر القصة السابقة في مختلف المناسبات

لم يتعلم مما حصل .

وعلى الجميع أن يتذكر ، لا يحتاج الجميع للتعافي أصلا ، وفي نفس الوقت هناك أشخاص بحاجة للتعافي من الزواج نفسه ، وليس من خبرة الطلاق التي مروا بها

تعليقات