- فريق التحرير - وصال الحياة
- August 16, 2025
- موضوعات الطفولة
الصحة النفسية للطفل: مؤشرات مبكرة تستدعي...
الصحة النفسية للطفل: مؤشرات مبكرة تستدعي الانتباه
تشير الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي إلى أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي المرحلة الأكثر حساسية في تكوين شخصيته، وأن الاضطرابات النفسية المبكرة إذا لم تُكتشف وتُعالج قد تتحول إلى أنماط راسخة ترافقه في المراهقة وسنوات الرشد. منظمة الصحة العالمية (WHO) تقدر أن طفلًا واحدًا من بين كل خمسة أطفال يعاني من مشكلات نفسية أو سلوكية تتطلب التدخل، وغالبًا ما لا يتم رصدها في الوقت المناسب.
من هنا، يصبح وعي الأهل والمعلمين بدورهم المحوري في الملاحظة والمتابعة أمرًا حاسمًا. فالمؤشرات الأولى لا تكون دائمًا واضحة، لكنها تترك بصمات دقيقة إذا أُحسن الانتباه إليها.
التغيرات المفاجئة والمستمرة في السلوك
من الطبيعي أن يمر الأطفال بتقلبات مزاجية مرتبطة بالنمو، لكن التغير المفاجئ والمستمر يستدعي الانتباه.
- مثال: طفل اعتاد الانخراط في اللعب الجماعي، ثم أصبح فجأة يفضل العزلة أو يرفض المشاركة.
- الدلالة: قد يكون مؤشرًا على قلق داخلي أو تعرضه لتجربة سلبية (مثل التنمر أو صعوبة التكيف المدرسي).
🔹 التوصية العملية: تجنّب الضغط المباشر. أظهر اهتمامك بسؤاله بلغة حانية: "لاحظت أنّك لم تعد تلعب مع زملائك كالسابق، هل هناك شيء يزعجك؟".
اضطرابات النوم أو الشهية
النوم والتغذية من أوضح المؤشرات على الحالة النفسية.
- أرق متكرر أو كوابيس: قد يعكس قلقًا أو مخاوف غير مفسّرة.
- فقدان الشهية أو الإفراط في الطعام: قد يكون استجابة للهروب من توتر داخلي.
🔹 التوصية العملية: حافظ على روتين ثابت قبل النوم، ودوّن ملاحظات حول الأوقات التي تظهر فيها هذه التغيرات، فقد تساعد في ربطها بمسببات محددة (واجبات مدرسية، خلافات أسرية، ضغوط اجتماعية).
الغضب والانفجارات الانفعالية
الغضب جزء طبيعي من النمو، لكنه يصبح مؤشرًا عندما يتكرر بشكل مبالغ فيه ويفوق قدرة الطفل على السيطرة.
- مثال: صراخ مفرط أو تكسير أغراض لأسباب تافهة.
- الدلالة: قد يكون تعبيرًا عن صعوبة في تنظيم الانفعالات أو إشارة إلى اضطراب سلوكي كفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
🔹 التوصية العملية: لا تُقابل الانفعال بالانفعال. أمهل الطفل حتى يهدأ، ثم تحدث معه بعبارات تربط المشاعر بالسلوك: "أفهم أنك غضبان، لكن تكسير اللعبة لا يحل المشكلة. لنفكر معًا في بديل أفضل".
التعلق المفرط أو الانعزال العاطفي
- التعلق المفرط: رفض الطفل الانفصال عن الأهل أو القلق المبالغ فيه عند مغادرتهم.
- الانعزال: تجنب التواصل أو رفض المشاركة الوجدانية.
🔹 التوصية العملية: في حالة التعلق المفرط، ابدأ بخطوات تدريجية لتعزيز الاستقلال (تركه مع شخص مأمون لفترات قصيرة تتزايد تدريجيًا). أما في حالة الانعزال، فاستخدم أنشطة غير مباشرة كالرسم أو الألعاب الرمزية كجسر للتواصل.
التراجع الدراسي غير المبرر
تراجع الأداء الأكاديمي قد يكون مرآة لاضطرابات نفسية.
- مثال: طفل يفهم المادة لكن درجاته تنخفض بشكل ملحوظ.
- الدلالة: قد يشير إلى قلق مدرسي، ضعف الدافعية الناتج عن ضغوط أسرية، أو صعوبة تكوين علاقات مع المعلمين أو الأقران.
🔹 التوصية العملية: بدل التركيز على الدرجات وحدها، ناقش مع الطفل مشاعره تجاه المدرسة. دعم الأهل بتعاطف يقلل القلق ويعيد الثقة بالنفس.
الأعراض الجسدية غير المفسَّرة
شكاوى جسدية متكررة (صداع، آلام بطن) بلا سبب طبي واضح غالبًا ما تخفي توترًا نفسيًا.
- الدلالة: ارتباط هذه الأعراض بمواقف محددة (قبل المدرسة أو الامتحانات) قد يكشف جذور القلق.
🔹 التوصية العملية: بعد استبعاد السبب العضوي مع الطبيب، تعامل مع الأعراض كرسالة غير لفظية، وابحث عن السياق الذي يثيرها.
متى نلجأ للمختصين؟
القاعدة الأساسية: استمرار أي من هذه المؤشرات لأكثر من 4 أسابيع مع تأثيرها المباشر على الحياة اليومية للطفل (علاقاته، نومه، أو تحصيله الدراسي) يتطلب استشارة مختص نفسي للأطفال. فالتشخيص الدقيق لا يُبنى على ملاحظة فردية أو مقطع مرئي على الإنترنت، بل على تقييم سريري متكامل يشمل الأسرة والمدرسة.
دور الأهل والمعلمين في الوقاية والدعم
1. الملاحظة المبكرة: دوّن ملاحظات يومية عن سلوك الطفل بدل الاعتماد على الانطباع العام.
2. التواصل المفتوح: وفر مساحة آمنة للحوار دون إصدار أحكام أو مقارنات.
3. النمذجة السلوكية: طريقة الأهل في إدارة الضغوط تمثل نموذجًا يتعلم منه الطفل.
4. الاهتمام باللعب: اللعب الحر أداة تشخيصية وعلاجية تساعد الطفل على التعبير عما لا يقوله بالكلمات.
5. التعاون مع المدرسة: تواصل دوري مع المعلمين لرصد أي تغيرات تظهر في البيئة الصفية.
تعليقات